Tuesday, February 17, 2015

الحقيقة ...

الحقيقة كلمة ينادي بها كل البشر ... نحب سماعها حتى لو كانت مؤلمة في بعض الاحيان فلا زلنا حتى يومنا هذا نطالب بها و نسعى اليها ...  ولأننا بشر و بالرغم من اننا مختلفون ... الا ان جميعنا يتقبلها ... فهي تصلنا بالواقع الذي نعيشه ... هي حجر الاساس لكل ما نشيده .. و ما أجمل ان نشعر بوجود شيء نستطيع الارتكاز عليه وسط الرمال المتحركة و السرابات المتعددة ... كم هو مريح أن نجد أرضا ثابتة تحت اقدامنا .. و اذا لم تلاحظوا هذا بعد فواقعنا اصبح يحاكي الصحراء القاحلة في كثير من النواحي ... و لأننا بشر و لأننا مختلفون ... فكلنا لدينا طريقة نتقبل بها الحقيقة ... البعض يكون شجاعا صريحا و صادقا مع نفسه و الاخرين .. حتى لو كانت تلك الحقيقة تحمل في جعبتها واقعا شديد المرارة فتجد ذلك النوع من الاشخاص متقبلا للحقيقة ... معترف بما تحمله من حزن و مشقة و اخبار سيئة ... فتجده معانقا لتلك الالام المندرجة تحت اسم الحقيقة ... محاولا ان يتأقلم معها ... أن يجاريها في لعبتها التي نصت قوانينها حياة نعيشها ...
والبعض الاخر  يكون اقل مصداقية .. اقل صراحة ... يخاف مواجهة هذا القدر من التحدي .. لا يستطيع تحمل هذا الوزن الثقيل من الالم .. فيعتنق فن الرسم , تجده ممسكا بفرشاة في يد و ألوانا في يد أخرى ... و يبدأ بإضافة خطوط و لمسات و يخفي اخرى .. يضيف الوانا و يمحي اخرى .. حتى تتغير سمات اللوحة و يصبح قادرا على النظر اليها و اخيرا يتقبلها ... لا أرى عيبا في اي من ..هذه الطرق كل لديه طريقته في التعامل معها و ما من قانون يلغي احداها , و اذا كان للبشر ارادة حرة .. فهذا بعض مما تعنيه .. و لكن عندما تكون صحفيا ... مراسلا ... هنا يجب ان تلقي ما تحمله من وجهات نظر بعيدا ... ان تضع طريقتك في التقبل جانبا .. هنا يجب ان يترجم عقلك كلمة واحدة "الحقيقة" انت تحمل كاميرا ... تكون عينا لا لإنسان أو اثنين ... انت تري العالم بأسره ما تراه ... لا تنقل للعالم ما تعتقده ... فالعالم يحتاج الحقيقة .. لا يحتاج وجهة نظر ... لا يريد تقييما ولا رأيا ... هو فقط يريد ان يرى ما يجري ... فلا تمسك بتلك الكاميرا ناقلا الجزء الذي تراه من القضية ... مصورا طريقة تقبلك للحقيقة ... كما اننا بشر ايضا .. لنا الحق في ان تكون لنا ارائنا الشخصية ... من الطبيعي ان ترا جانبا غير الذي نراه ... يمكننا ان نفكر و نفهم ما يجري .. من فضلك لا تعنون لنا   الاخبار ... لا تحدد جهات و اطراف استنادا على رأيك .. ولا تتحول من مراسل الى رسام .. فما يجري في العالم ليس لوحتك ... كونك صحفي عمل جد رائع ... احترم و اقدس ما تملكه من شجاعة ... و لكن يتحول ذلك العمل الى شيء جد قذر .. عمل في غاية الخسة و الدنائة ... عندما تخضع انت و كاميرتك تحت امرة من هم اعلى منك نفوذا ... عندما تغذي مصالحك الشخصية من اموالهم ... مقابل صور مفبركة و مصداقية منتهكة .. و تذكر دائما تذكر ان عليك التقاط الخبر الذي يجب على الناس رؤيته .. المشكلة التي يجب على المرء معرفتها و كن مراسلا صحفيا بكل ما تحمله هذه المهنة من معنى ... لا تنصت لمن يخبرك ان سر نجاحك هو ان تري العالم الاخبار السعيدة او تلك الاخبار التي يود رؤيتها جميع الناس ... سر نجاحك هو تسليط ضوء كامريتك على الخبر الذي يجب على الناس معرفته لا الخبر الذي يودون معرفته عندما تكون صحفيا حذقا و شجاعا لدرجة تصديك لكل العقبات و المصاعب التي ستواجهك عند محاولة نشر هذا الخبر ... .. حينها سيشيد العالم اجمع بمدى صدقك و شجاعتك كيف كنت مناصرا للحقيقة و عابدا لها , كيف لنا ان نمحي اسم شخص بهذه الشهامة من ذاكرتنا .. أنا واثقة من انه سيخلد للأبد 

No comments:

Post a Comment